محمد يسير C 1013034 /
مَـزِيَّةُ
التَّصْوِيْرِ
اتَّفَقَ رَمَضَانُ بِرَأْيِ وَالِدِهِ فِى أَنْ
يَدْخُلَ كُلِّيَّةَ الأَدَبِ وَالفَنِّ. فَاخْتَارَ رَمَضَانُ فِى قِسْمِ
الفُنُوْنِ وَ بَعْدَ اِسْتِعْدَادِهِ فِى مُوَاجَهَةِ اِمْتِحَانِ الدُّخُوّلِ
يَشْتَرِكُ الاِمْتِحَانَ فِى الغُرْفَةِ قَرِيْبًا عَنِ المَسْجِدِ. فَأَجَابَ
رَمَضَانُ جَمِيْعَ سُؤَالِ الاِمْتِحَانِ بِدُوْنِ تَرَدُّدٍ وَ شَكٍّ لأَنَّهُ
اِسْتَغْرَقَ طُوْلَ لَيْلِهِ بِاالتَّعَلُّمِ الجَيِّدِ. فِى السَّاعَةِ
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ نَهَارًا دُقَّ الجَرَسُ فَيَخْرُجُ الطُّلَّابُ مِنَ
الغُرْفَةِ وَيَدْخُلُوْنَ المَسْجِدَ لِيَسْجُدُوْا الشُّكْرَ فَرَجَعُوْا إِلَى
بُيُوْتِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ.
فِى يَوْمٍ أَعْلَنَ فِيْهِ نَجَاحُ
الطُّلَّابِ أَوْ فَشَلُهُمْ ذَهَبَ رَمَضَانُ مَعَ رَفِيْقِهِ أَحْمَدُ إِلَى
المَدْرَسَةِ بِاالجَوَّالَةِ فَوَقَفَا بُرْهَةً أَمَامَ الدِّيْوَانِ
المَرْكَزِيِّ لِيَنْظُرَا لَوْحَةَ الإِعْلَانِ وَوَجَدَا اِسْمَهُمَا وَعَرَفَا
أَنَّهُمَا نَالَا نَتِيْجَةَ الاِمْتِيَازِ وَاعْتَبَرَا أَنَّ هَذَا اَخِرُ
نَتِيْجَةٍ فِى المَدْرَسَةِ الثَّانَوِيَّةِ. وَمِنْ أَصْحَابِ رَمَضَانَ مَنْ لَمْ
يَنْجَحْ فِى الاِخْتِبَارِ. ثُمَّ رَجَعَ رَمَضَانُ وَ أَحْمَدُ اِلَى
بَيْتِهِمَا لِيَشْكُوَا مَا يَكُوْنُ مِنَ الأَمْرِ.
بَعْدَ أَنْ وَصَلَ رَمَضَانُ اِلَى
بَيْتِهِ قَدَّمَ نَتِيْجَةَ اِمْتِحَانِهِ اِلَى أَبِيْهِ, فَفَخَرَ أَبُوْهُ
بِحُصُوْلِ نَتِيْجَةِ اِمْتِحَانِ اِبْنِهِ. وَبَعْدَ شُهُوْرٍ سَجَّلَ رَمَضَانُ
نَفْسَهُ فِى الجَامِعَةِ الحُكُوْمِيَّةِ وَيَخْتَارُ فِى قِسْمِ الفُنُوْنِ.
فَاسْتَعَدَّ رَمَضَانُ اِسْتِعْدَادًا تَامًّا وَذَهَبَ مِنْ مَدِيْنَتِهِ إِلَى
الجَامِعَةِ باِلحَافِلَةِ. وَظَنَّ أَنَّ السَّفَرَ يَسْتَغْرِقُ يَوْمَيْنِ.
بَعْدَ أَنْ مَرَّ بِيَوْمٍ لَمْ يَصِلْ اِلَى المَكَانِ المَرْجُوِّ فَصَارَ يَنْـزِلُ لَيْلًا بِبَلَدٍ لَمْ يَجِدْ فِيْهِ خَانًا, فَأَنْزَلَ أَحَدُ الأَهَالِي ضَيْفًا عِنْدَهُ.
وَلَمَّا رَأَى المُضِيْفُ أَنَّ رَمَضَانَ يَحْمِلُ مَبْلَغًا كَبِيْرًا مِنَ النُّقُوْدِ فِي كِيْسٍ وَضَعَهُ
دَاخِلَ جَيْبِهِ, لَبِثَ يَرْقُبُهُ حَتىَّ نَامَ, وَدَخَلَ عَلَى
غُرْفَةٍ يَسْتَرِقُ الخُطَى لِكَيْلَا يَسْتَيْقِظَ, وَسَرَقَ المَالَ, وَحَمَلَهُ بِلُطْفٍ وَخِفَّةٍ, وَأَلْقَى
المُضِيْفُ رَمَضَانَ فِي طَرِيْقٍ بَعِيْدًا عَنِ الدَّارِ. وَلمَاَّ اِسْتَيْقَظَ رَمَضَانُ مِنْ نَوْمِهِ فِي الصَّبَاحِ, وَجَدَ نَفْسَهُ وَسَطَ الطَّرِيْقِ وَلَا مَالَ مَعَهُ. فَذَهَبَ إِلَى رِجَالِ
الشُّرْطَةِ وَشَكَى إِلَيْهِ أَمْرَهُ فَسَأَلَهُ الحَاكِمُ "أَتَعْرِفُ مَنْ مُضِيْفُكَ بِالأَمْسِ؟" فَقَالَ
رَمَضَانُ "لَا, مَا كُنْتُ بِعَارِفٍ وَلَكِنِّي مُصَوِّرٌ مَاهِرٌ
أَسْتَطِيْعُ أَنْ أُصَوِّرَ لَكَ أَهْلَ البَيْتِ الَّذِى كُنّتُ فِيْهِ
فَتَعْرِفُ أَنْتَ أَوْ عُمَّالُكَ فَيَقْبِضُهُ وَ يُدْخِلُهُ اِلَى السِّجْنِ.
فَانْفَرَدَ فِى غُرْفَةٍ لِيُصَوِّرَ كُلَّ أَعْضَاءِ تِلْكَ الأُسْرَةِ
الخَائِنَةِ.
وَبَعْدَ لَحْظَةٍ ظَهَرَتْ الصُّوْرَةُ
عَلَى الأَهْلِ فَعَرَفَهُ الحَاكِمُ وَذَهَبَ اِلَى بَيْتِهِ مَعَ البُوْلِسِ.
وَبَعْدَ وُصُوْلِهِ اِلَى البَيْتِ وَجَدَ الأَهْلَ وَسَأَلَ عَنْ مُشْكِلَةِ
رَمَضَانَ, فَأَقَرَّ جَمِيْعُ أَعْضَاءِ الأَهْلِ بِذَنْبِهِمْ. وَرَدُّا المَالَ
اِلَى صَاحِبِهِ وَحَاكَمَ الحَاكِمَ عِقَابًا شَدِيْدًا لِأَنَّهُمْ خَانُوا مَنِ
ائْتَمَنَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ. ثُمَّ اِسْتَمَرَّ رَمَضَانُ سَفَرَهُ
اِلَى الجَامِعَةِ لِوُجُوْدِ أَمَلِهِ فِى المُسْتَقْبَلِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ
الحَدَثِ صَارَ يَحْذَرُ عَلَى كُلِّ فِعْلٍ وَ عَمَلٍ لِسَلَامَتِهِ.
Tidak ada komentar:
Posting Komentar